الخميس، 3 نوفمبر 2011

الحسم الثوري

الحسم الثوري

http://www.barakish.net/Pics0/22383_0.jpg?Height=250&Width=500

         تذكرتُ عبارةً لدايل كارنيجي كنت قد قرأتها في كتابهِ الشهير (دع القلق وأبدأ الحياة..) قالها حينما تعرض في مقتبل عمره لخسارة فادحة في سوق البورصة ،إذ خسر كل ما لديه من أموال تخصه هو وأصدقاؤه الذين أعطوه إياها ليضارب لهم فيها فقال : أنه يجب علينا أن نضع حداً لكل شيْ حتى لا يستولي القلق على أنفسنا وضرب مثلاً على ذلك : إذا كان هناك شخص دائم التأخر عن مواعيده فلنضع لهذا الشخص حداً من الوقت وليكن مقداره عشر دقائق مثلاً  ننتظره بعد موعده  ثم نغادر بعدها حتى لا نصيب أنفسنا بالإحباط والتو تر نتيجة طول الانتظار ..

       طغت تلك العبارة على فكري وأنا أتابع سير العمل الثوري لشباب التغيير الذي ابتدأ قبل أكثر من ثمانية أشهر ولم يلُح لنهايته أفق حتى يومنا هذا ..فهؤلاء الشباب تتراوح خطاهم بين اعتصامات في الساحات وخطب وأغاني ولقاءات ، وفي أحسن الأحوال الخروج في مسيرات تمر في مناطق سيطرة الطرف الآخر الذي لا يرعى فيهم إلّاً ولا ذمة فيُقابلون برصاص القناصة والقتلة من عناصر النظام الحاكم ليُقتل منهم من ُقتل دون أن  يستطيعوا الدفاع عن أنفسهم أو بث الرعب في قلوب أعدائهم ...

       لم أقتنع بفكرة سلمية الثورة وخاصةً في شكلها السابق أوالحالي والذي ليس له أفق ينتهي عنده فالثوار الذين وإلى الآن لم يحددوا لأنفسهم موعداً حقيقياً تنتهي عنده ثورتهم أو قل على الأقل تنتهي سلمية ثورتهم كما أن هناك تناقضاً يعتري مسيرة ثورتهم ففي الوقت الذي نجد البعض يصر على سلمية هذه الثورة فإن أكثر من حرب قد اندلعت ضدهم وضد أنصارهم ، بعضها قد انتهى كحرب الحصبة والبعض الآخر لم يزل مشتعلاً حتى لحظتنا هذه ...

          إن هذه الثورة وإن اقتنعنا بسلميتها فهي إلى الآن لم تضع لنا آليات مقنعة تجعلنا نحس بجدية حتمية التغيير وقرب ساعة النصر ، وعلى سبيل المثال لدينا في عدن نجد أن شكلاً من أشكال التصعيد كان الثوار قد سلكوه ألا وهو العصيان المدني يومي السبت والأربعاء من كل أسبوع والذي كنا نتوقع أن يغدو هذا العصيان عصياناً شاملاً أي أن يشمل كافة محافظات الجمهورية وأن يكون  طوال أيام الأسبوع بدلاً من يومين في الأسبوع فنجد أن هذا العصيان قد انتهى بعد شهر رمضان وكأن لسان حال القائمين عليه يقول لقد مللنا من هذا العصيان غير المجدي ...

          كما أن من تناقضات هذه الثورة السلمية أيضاً أن صوراً لزعيم ثوري مثل أرنستو تشي جيفارا تُحمل وبشكلٍ شبه يومي في مسيرات الثوار وهذا الزعيم لم نعلم عنه إلا أنه كان مقاتلاً ضد الاستعمار والإمبريالية العالمية في أماكن بعيدة عن موطنه ككوبا وبوليفيا حيث قُتل هذا الزعيم في بوليفيا بعد معركة شرسة استمرت لمدة ساعات مع قوات أميركية. لقد كان الأولى بالثوار أن يحملوا صوراً لأشخاص مثل المهاتما غاندي الذي سلك مسلك النضال السلمي لتحرير بلاده وانتصر في النهاية..لا أن يحملوا صوراً لأبطال اتخذوا طريقاً مخالف لمسيرتهم ...

      لقد طالت الثورة كثيراً وتضرر منها الأكثرية من أبناء هذا الشعب الصامد ، و أفلس الكثير من التجار وسُرّح الكثير من العاملين من أعمالهم وتضرر الطلبة في دراستهم .وفي مقابل هذا لابد أن يظهر الطرف الآخر وهم المستفيدون وتجار الحروب الذين ينفخون أوار النار لتستمر الأزمة ويستمر معها نهبهم وتعيّشهم..كما أن أفق انتهاء اللعبة ما يزال غامضاً والمجتمع الدولي يلعب على الحبلين ونحن نصدق مراوغته التي يبدو أنها تتسق وخطى الرئيس وهذا المجتمع  يبدو محرجاً من الشباب والمعارضة وهو يومئ لحليفه أن يحسم الموقف سريعاً حتى يبعد عنه الحرج إلا أن الرئيس اليمني يبدو عاجزاً عن الحسم والشباب كذلك عاجزون !! وذلك لأن الله قد أراد أمراً وأمره كان مفعولا..

د/ مجيد 
عدن 28/اكتوبر/2011

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق