السبت، 9 يوليو 2011

عدن والهنود والصومال



عدن والهنود والصومال

      في بلادي اليمن كل شئ تقريباً يسير بغير هدى ولا نظام وعلى غير ما خلقه الله !!
      فبالرغم من كوننا مسلمين إلا أن ما تحدث من أمور يومية في حياتنا تجعل المرء يشك في إسلامنا أو على الأقل تجعلنا نتأكد من بعدنا الكبير عن حقيقة الإسلام وتعاليمه..
      هذا الأمر نجده ينطبق على أكبر كبير في هذه البلاد ويمتد إلى علمائها فنزولاً إلى عامة الشعب ...

       فبعد أكثر من عشرين عاماً من توحد اليمن شمالاً وجنوباً إلا أننا نجد أن أموراً من بقايا الجاهلية - لم تكن في الأساس موجودة قبل الوحدة على الأقل في الشطر الجنوبي - أصبحت تطغي على فكر وأقوال الساسة وعامة الشعب ومن هذه الأمور المحزنة التي برزت بقوة إلى مسرح الأحداث ألا  هي العنصرية المقيتة والتعالي على الآخر بمنطلقات جاهلية بليدة -حاربها الإسلام ورسوله-وتنم عن تخلف أصحابها وتقوقعهم وتضخم الأنا الكاذبة لديهم !!

        لقد سمعنا أكثر من مرة الرئيس اليمني وساسة المؤتمر يصفون خصمهم البيض بأنه هندي وكذلك العطاس، ويصفون باسندوه بأنه صومالي !! بل تعدى الأمر لديهم ليصفوا عدن وسكانها بأنهم بقايا الصومال والهنود في إشارة عنصرية مقيتة تحمل في طيها تحقيراً عظيماً لهذين الشعبين وتجريداً لعدن ولأبنائها من عروبتهم !!
       إننا نجد في هذا الأمر مخالفة صريحةً لتعاليم النبي الكريم الذي نهى عن العصبية واحتقار الآخرين بل تجاوزاً لآيات القرآن الكريم التي ساوت بين الناس ونهت عن احتقارهم والسخرية منهم وجعلت الفضل والتكريم بينهم  بأعمالهم وتقواهم...

((ياأَيُّهَا ٱلَّذِينَ امنوا لَا يَسخَرۡ قَوۡمٌ۬ مِّن قَوۡمٍ عَسَىٰٓ أَن يَكُونُواْ خَيرً۬ا مِّنهُمۡ وَلَا نِسَآءٌ۬ مِّن نِّساءٍ عَسَىٰٓ أَن يَكُنَّ خَيرً۬ا مِّنهُنَّ‌ۖ وَلَا تَلمِزُوٓاْ أَنفُسَكُمۡ وَلَا تَنَابَزُواْ بٱلأَلقَـٰبِ‌ۖ بِئسَ ٱلِٱسمُ ٱلفُسُوقُ بَعدَ ٱلإِيمَـٰنِ‌ۚ وَمَن لَّمۡ يَتُبۡ فَأُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلظَّـٰلِمُونَ 11)) (الحجرات)
O ye who believe! Let not a folk deride a folk who may be better than they (are), not let women (deride) women who may be better than they are; neither defame one another, nor insult one another by nicknames. Bad is the name of lewdness after faith. And whoso turneth not in repentance, such are evil-doers. (11)

يَـٰاأَيّهَا ٱلنَّاسُ إِنَّا خَلَقنَـٰكُم مِّن ذَكَرٍ۬ وَأُنثَىٰ وَجَعَلنَـٰكُمۡ شُعُوبًا وَقَبآئِلَ لِتَعَارَفُوٓاْ‌ۚ إِنَّ أَكرمَكُمۡ عِندَ ٱللَّهِ أَتقَاٰكُمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ۬ ١٣  (الحجرات( 
O mankind! Lo! We have created you from male and female, and have made you nations and tribes that ye may know one another. Lo! the noblest of you, in the sight of Allah, is the best in conduct. Lo! Allah is Knower, Aware. (13)


      أما الأمر الجاهلي الآخر والذي استشرى بين الناس ألا هو توصيف أبناء منطقة معينة بلقب معين ينم في مكنونه عن الاحتقار والتنقيص من القدر ومثل هذا وصف أبناء الجنوب لأبناء الشمال بأنهم دحابشة !! في إشارة ربما تحمل في طياتها رمزاً للفوضى والتخلف وهذا من التعميم المحرم الذي لا يجوز لان فيه ظلم لفئة كبيرة من أبناء الشمال تنأى بنفسها عن الفوضى والأعمال المتخلفة...

         إن الهنود والصومال شعبان عظيمان يمتلكان حضارات عظيمة شهد لها التاريخ وأبناءهم هاجروا من الهند والصومال إلى عدن واستوطنوها تماماً مثلما هاجر كثير من اليمنيين إلى تلك الدول!! وعدن قد كانت حاضنة لكل أبناء اليمن وأبناء العديد من الجنسيات اللذين ولدوا وترعرعوا فيها وأحبوها وأخلصوا لها أكثر من مواطنهم الأم!!
عدن والصومال
      لقد بحثت في تاريخ الصومال فوجدت أن القوم لديهم حضارة امتدت لتسعة آلاف سنة قبل الميلاد تشهد عليها النقوش الجدارية والرسوم الموجودة في مدينة هرجيسا .. وقد كانت لهم علاقات تجارية قوية مع دول العصر القديم ومنها دولة سبأ اليمنية ...

عدن والهنود
       أما الشعب الآخر- الذي سأسهب في الحديث عنه قليلاً - والذي يُنظر إليه الآن باحتقار من قبل اليمنيين وحري به أن ينظر هو بعين الاحتقار لليمنيين  لما حققه من منجزات عظيمة في عصرنا الحديث لا نستطيع أن نجاريه في أبسطها ألا هو الشعب الهندي ذو الحضارة القديمة التي تمتد هي الأخرى أيضا إلى تسعة آلاف سنة !!
      وسنتوقف قليلاً هنا عند الهند لما لهذه الدولة من مكانة عظيمة في العصر الحديث تجعلنا نعجب ممن يسخرون من أبنائها في اليمن كان أوفي غيره وسنستعرض شيئاً من إنجازات هذا الشعب منذ الحضارة القديمة إلى عصرنا الراهن ...

     أولاً الهند قبل كل شئ وإلى جانب باكستان دولة تنتمي للنادي النووي وهي من ضمن الدول الثمان التي تعترف بإمتلاكها للسلاح النووي حيث يوجد فيها مايقارب التسعين مفاعلاً نووياً..وهي تقوم بتصنيع صواريخها وأقمارها الصناعية بنفسها بل إنها تطلق بصواريخها أقماراً لدول أخرى ، وهي التي أرسلت مركباتها الفضائية لاستكشاف القمر كما أنها تصنع طائراتها الحربية الخاصة وكذا دباباتها وكافة اسلحتها!!
      أما نحن في اليمن فماذا نصنع ؟ نحن إن صنعنا شيئاً فهو من قبيل الصناعة التجميعية التي لا تهدف إلا إلى تحقيق ربح سريع فقط...حتى أدويتنا أنظروا إلى حجم حصة الأدوية الهندية في سوقنا..
      لقد تميزت الهند بصناعتها لأرخص سيارة في العالم وهي ستنزل كذلك أرخص كمبيوتر في العالم لا يتعدى سعره ال35 دولاراً فقط!!!

      لقد نظرت إلى عدد الهنود المغتربين في الولايات المتحدة الأمريكية والذين يفوقون ال3.22 ملايين .فوجدت أنهم يحتلون النسب التالية فيها:
38% من الأطباء في الUSA هم من الهنود.
36%من علماء وكالة الفضاء الأميركية NASA هم علماء هنود..
34% من موظفي شركة مكروسوفت في USA هم هنود.
28% من موظفي شركة IBM  هم أيضاً هنود.
17% من موظفي شركة INTEL  أيضاً هنود.
13% من موظفي XEROX  هم هنود .
12% من علماء الولايات المتحدة كذلك هنود !!!

       وأحب أن أنوه هنا أن كلمة هنود مقصود بها هنود جمهورية الهند وليس الهنود الحمر...
      فأين مكانتنا نحن اليمنيون من تلك الإحصاءات؟؟
      بالتأكيد نحن في اليمن لا نستطيع أن نجد لأنفسنا مكانة نقارن بها مغتربينا في أميركا بالهنود هناك ، ولا أن نعدد منجزات حضارية حديثة لنا كتلك التي  يتمتع بها الهنود.
      لقد سرد أحد الكتاب الهنود ما قدمته بلاده للبشرية من  منجزات وعلى مدى تاريخ البشرية فوجدت من خلالها أن الهند ربما تكون من الدول القليلة التي تواصلت منجزاتها للبشرية عبر التاريخ البشري إلى عصرنا الراهن دون انقطاع عكس الحضارة العربية التي توقفت منجزاتها في العصور الوسطى!!

      إن مما أورده هذا الكاتب من إسهامات للعلماء الهنود في عصرنا الراهن : تمتد من اختراع الهوت ميل إلى تأسيس أكبر شركات البرمجيات وخوادم الحاسوب في أميركا كشركة  SUN MICROSYSTEMS ،عدا عن ترأس شركات وبنوك عديدة في الولايات المتحدة ك   CitiBankوَ  Hewlett Packardو AT & T-Bell Labs

إضافة إلى ذلك فقد أورد الكاتب  أن 4 مليارديرات هنود كانوا ضمن العشرة الأوائل في العالم..

       نعم أيها الإخوة قد يطول بنا المقام هنا لو ذكرنا كل إسهامات الهنود في الحضارة البشرية من تأسيس أول جامعة في العالم قبل 700 عام إلى إسهاماتهم العديدة في علوم الجبر والحساب وكذا الطب والجراحة واختراعهم للعبة الشطرنج..   ولكن أحببنا الإنصاف وباختصار حتى يعرف كل إنسان قدره ويقيّم مكانته ومكانة الآخرين فلا يحقرهم وهم في الأساس أفضل وأرفع مكانة منه في الماضي والحاضر...
    
        لقد كان لليمنيين وللعرب هجرةٌ إلى الهند بعد الفتح الإسلامي والهنود ذوي الأصل اليمني والعربي ما يزالون يشكلون نسبةً لا بأس بها في مناطق المسلمين في الهند وهم هناك قد اختلطوا بالهنود وتزاوجوا بهم ولا أظن أن أحداً هناك يعيرهم بأصلهم اليمني أو العربي!!
       أما اليمنيون من أصل هندي هنا في اليمن فلقد عرفتهم أكثر الناس وداعةً واحتراماً للقوانين والنظام فكفوا عن أديتهم وتحقيرهم واتركوا جاهليتكم وتفرغوا لرفعة شأن اليمن وكونوا مسلمين حقيقيين ..
ورحم الله امرءاً عرف قدر نفسه...

عدن 26/12/2010

  




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق